الصفحة الرئيسية
>
آيـــة
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}
تلك هي الشهادة الكبرى والتكريم العظيم، الذي تتجاوب معه أرجاء الوجود جميعا مع هذا الثناء الفريد على النبي الكريم. ويعجز كل قلم، ويعجز كل تصور، عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من رب الوجود، وهي شهادة من الله، في ميزان الله، لعبد الله، يقول له فيها: {وإنك لعلى خلق عظيم}. ومدلول الخلق العظيم هو ما هو عند الله مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين! ودلالة هذه الكلمة العظيمة على عظمة محمد تبرز من نواح شتى:
تبرز من كونها كلمة من الله الكبير المتعال، يسجلها ضمير الكون، وتثبت في كيانه، وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء الله.
ولقد رويت عن عظمة خلقه في السيرة، وعلى لسان أصحابه روايات منوعة كثيرة. وكان واقع سيرته أعظم شهادة من كل ما روي عنه. ولكن هذه الكلمة أعظم بدلالتها من كل شيء آخر. أعظم بصدورها عن العلي الكبير.
إنه محمد - وحده - هو الذي يرقى إلى هذا الأفق من العظمة. إنه محمد - وحده - هو الذي يكافئ هذه الرسالة الكونية العالمية الإنسانية؛ حتى لتتمثل في شخصه حية، تمشي على الأرض في إهاب إنسان. إنه محمد – وحده الذي علم الله منه أنه أهل لهذا المقام. والله أعلم حيث يجعل رسالته. وهو - جل شأنه - وحده القادر على أن يهب عبدا من عباده ذلك الفضل العظيم.
ثم إن لهذه اللفتة دلالتها على تمجيد العنصر الأخلاقي في ميزان الله؛ وأصالة هذا العنصر في الحقيقة الإسلامية كأصالة الحقيقة المحمدية.
والناظر في هذه العقيدة، كالناظر في سيرة رسولها، يجد العنصر الأخلاقي بارزا أصيلا فيها، تقوم عليه أصولها التشريعية وأصولها التهذيبية على السواء.
والرسول الكريم يقول: [إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق] فيلخص رسالته في هذا الهدف النبيل. وتتوارد أحاديثه تترى في الحض على كل خلق كريم. وتقوم سيرته الشخصية مثالا حيا وصفحة نقية، وصورة رفيعة، تستحق من الله أن يقول عنها في كتابه الخالد: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
المزيد |